في ندوة صحفية مؤثرة، تحدّثت المخرجة التونسية كوثر بن هنية عن تجربتها الإنسانية والفنية في إخراج فيلمها الجديد “صوت هند رجب”، الذي سيُعرض في ختام مهرجان القاهرة السينمائي، مؤكدة أن السينما ليست فقط فناً، بل أداة مقاومة وتوثيق في مواجهة آلة التحريف والطمس التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي يوميًا.
بنبرة مشحونة بالمشاعر، قالت كوثر بن
هنية:
“منذ أن سمعت صوت هند تستنجد وتقول: أنقذوني… النجدة، لم أستطع أن أهدأ أو أرتاح، شعرت وكأنها تناديني شخصيًا، وكان لا بد أن أُجيب هذا النداء… بهذا الفيلم.”

السينما توثق… وتُقاوم:
بن هنية أكدت أن ما دفعها لإخراج هذا الفيلم لم يكن فقط وقع الصوت الذي هزّها من الداخل، بل أيضًا الضرورة الملحة لتوثيق جريمة حقيقية ومأساة حية في ظل طوفان من السرديات الإسرائيلية التي تُنتَج يوميًا بهدف تحريف التاريخ وطمس الحقيقة.
وقالت:
“الاحتلال لا يكتفي بالقصف والقتل، بل يُنتج كل يوم عشرات السرديات التي تُزيف الوعي… والسينما منبر يجب أن نستخدمه للرد.”

3 أسابيع فقط… ولكن بعمق:
ورغم أن الفيلم أنجز في ثلاثة أسابيع فقط، وهو وقت قياسي في عالم السينما، إلا أن المخرجة أوضحت أن ذلك يعود إلى الضرورة القصوى التي اقتضتها القصة، مؤكدة في الوقت نفسه أن هذا لم يكن على حساب العمق الفني أو الرسالة الإنسانية التي يحملها الفيلم
.
الفيلم يعكس، بحسب بن هنية، أزمة الفلسطينيين المعمّقة تحت الاحتلال، ويُعرّي الجرائم التي تُرتكب يوميًا، مستشهدة بما حصل مع هند، حيث لم يتمكن الهلال الأحمر من الوصول إليها بسبب الحواجز العسكرية الإسرائيلية، ما أدى إلى مقتلها رغم مناشداتها المؤثرة.

صدى عالمي غير متوقع:
واعترفت المخرجة بأنها لم تتوقع الصدى العالمي الكبير الذي أحدثه الفيلم، مشيرة إلى أن هذا التفاعل منحها جرعة أمل جديدة، وأضافت:

“لم أكن أؤمن تمامًا بأن السينما قادرة على تغيير الواقع، لكن بعد هذا الفيلم… ربما بدأت أُراجع موقفي.”

“صوت هند رجب”… صوت لكل الأصوات المخنوقة:
فيلم “صوت هند رجب” لا يوثق فقط لحادثة فردية، بل يحمل صرخة جماعية باسم كل الضحايا المنسيين، ويُعيد الاعتبار للإنسان الفلسطيني الذي كثيرًا ما يُغيب صوته في وسائل الإعلام العالمية.

بكاميرا واعية وقلب مشحون، استطاعت كوثر بن هنية أن تُنجز عملًا سينمائيًا يحاكي الذاكرة ويهزّ الضمير، لتؤكد من جديد أن الفن حين يُمسك بيد الحقيقة، يصبح أقوى من الرصاص.

إظهار التعليقاتإغلاق التعليقات

اترك تعليقًا